فوائد من تفسير الشيخ صالح المغامسى
فوائد من تفسير الشيخ صالح المغامسى
لا تعارض بين الآيتين قال الله تعالى في سورة الأنعام: (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (22) ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (23) انظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ (24) الذين يقولون: (وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ) هم أهل الشرك، وهذا منهم كذب لأنهم كانوا مشركين... كيف يجمع الإنسان ما بين هذه الآية وما بين قول الله جل وعلا: (وَلاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثاً) (النساء42)؟ فقول الله جل وعلا: (وَلاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثاً) يعني أنهم يُخبرون بكل شيءٍ فعلوه على وجه الحقيقة والصدق والله يقول هنا أنهم يقولون: (وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ) وهذا كذب لأن الله أصلاً قال بعدها: (انظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ)، هنا طُرح هذا السؤال على ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال رضي الله عنه وأرضاه في الجواب عن هذا: " إن أهل الإشراك إذا رأوا منّة الله بالعفو على أهل التوحيد والإسلام ورأوا أن الله يعفو ويخُلِّص أهل التوحيد يقول بعضهم لبعض: لم يبق إلا أن نتبرأ من الشرك لعلّه يُعفى عنّا كما عُفي عن غيرنا عندها يقولون: (وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ) فيختم الله على أفواههم بعدها فتنطق جوارحهم وتشهد فهذا معنى قول الله: (وَلاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثاً).... إذاً جعلها ابن عباس رضي الله تعالى عنهما على مرحلتين: المرحلة الأولى: يعاين أهل الإشراك منَّة الله على أهل التوحيد بالعفو فيقول بعضهم لبعض إن الشرك حال بيننا وبين العفو فتعالوا نقول لم نكن مشركين فيحلفون (وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ) وفي هذا كذبٌ على أنفسهم لذلك قال الله: (انظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ) وهذا من باب التعجب... المرحلة الثانية: بعد ذلك قلنا يُختم على أفواههم فتشهد جوارحهم فهذا معنى قول الله: (وَلاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثاً).