حكمة
حكمة
روائع الحكمة لابن حزم
فرض على الناس تعلم الخير والعمل به، فمن جمع الأمرين فقد استوفى الفضيلتين معاً، ومن علمه ولم يعمل به فقد أحسن في التعليم، وأساء في ترك العمل به، فخلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً، وهو خير من آخر لم يعلمه، ولم يعمل به، وهذا الذي لا خير فيه أمثل حالاً، وأقل ذماً من آخر ينهى عن تعلم الخير ويصد عنه. ولو لم ينه عن الشر إلا من ليس فيه منه شيء ولا أمر بالخير إلا من استوعبه لما نهى أحد عن شر، ولا أمر بخير بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وحسبك بمن أدى رأيه إلى هذا فساداً، وسوء طبع، وذم حال، وقد صح عن الحسن أنه سمع إنساناً يقول: لا يجب أن ينهى عن الشر إلا من لا يفعله، فقال الحسن: ود إبليس لو ظفر منا بهذه حتى لا ينهى أحد عن منكر، ولا يأمر بمعروف. وصدق الحسن جعلنا الله ممن يوفق لفعل الخير والعمل به، وممن يبصر رشد نفسه فما أحد إلا له عيوب إذا نظرها شغلته عن غيره، نسأل الله أن يحيينا، ويـتوفانا على سنة محمد صلى الله عليه وسلم.