حكمة
حكمة
كنا نظن أن العشق في ذوات الحركة والحدة من النساء أكثر، فوجدنا الأمر بخلاف ذلك، وهو في الساكنة الحركات أكثر، ما لم يكن ذلك السكون بلهاً. التلون المذموم هو التنقل من زي متكلف لا معنى له إلى زي آخر مثله في التكلف، وفي أنه لا معنى له. وأما من استعمل من الزي ما أمكنه مما به إليه حاجة، وترك التزيد مما لا يحتاج إليه = فهذا عين من عيون العقل والحكمة كبير، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وهو القدوة في كل خير، والذي أثنى الله تعالى على خلقُه، والذي جمع الله تعالى فيه أشتات الفضائل بتمامها، وأبعده عن كل نقص ـ: يعود المريض مع أصحابه راجلاً في أقصى المدينة بلا خُفٍ ولا نعل ولا قلنسوة ولا عمامة، ويلبس الشعر إذا حضره، وقد يلبس الوشي من الحبرات إذا حضره، ولا يتكلف ما لا يحتاج إليه، ولا يترك ما يحتاج إليه، ويستغني بما وجد عما لا يجد، ومرة يمشي راجلاً حافياً، ومرة يلبس الخف، ويركب البغلة الرائعة الشهباء، ومرة يركب الفرس عرياً [بلا سرج] ومرة يركب الناقة، ومرة يركب حماراً، ويردف عليه بعض أصحابه، ومرة يأكل التمر دون خبز، والخبز يابساً، ومرة يأكل العناق المشوية، والبطيخ بالرطب والحلواء. يأخذ القوت، ويبذل الفضل ويترك ما لا يحتاج إليه، ولا يتكلف فوق مقدار الحاجة ولا يغضب لنفسه، ولا يدع الغضب لربه عز وجل.