" رابع عشر : يحب الله الراضي بالبلاء "
" رابع عشر: يحب الله الراضي بالبلاء "
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم؛ فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط» [أخرجه الترمذي].
الراضي بالبلاء: هو العبد الذي يحبه الله سبحانه وتعالى، ويختبره بالمحن والمصائب، فيصبر ويسترجع ويحتسب ذلك عند الله، ويرضى بما ابتلاه الله به؛ فيكون له الرضا وجزيل الثواب على قدر مصيبته، وابتلاء الله – عز وجل – عبده المؤمن في الدنيا ليس من سخطه عليه؛ بل إما لدفع مكروه، أو لتكفير ذنوب، أو لرفع منزلة.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يصيبه أذى إلا حاتَّ الله عنه خطاياه؛ كما تحاتُّ ورق الشجر» [أخرجه البخاري].
وهذه بشارة عظيمة لكل مؤمن؛ لأن الآدمي لا ينفك غالبًا من ألمٍ بسبب مرضٍ أو هم أو نحو ذلك.
والصبر على البلاء يكون عند الصدمة الأولى، كما أشار صلى الله عليه وسلم: «إنما الصبر عند الصدمة الأولى»؛ فأشار إلى أن الصبر الشاق على النفس، والذي يعظم الثواب عليه: هو ما يكون في أول وقوع البلاء ومفاجأة المصيبة، فيفوض ويسلم؛ فيدل ذلك على قوة القلب وثباته في مقام الصبر، أما إذا بردت حرارة المصيبة فالكل يصبر إذ ذاك.
فالإنسان في هذه الدار معرض دائمًا للبلاء والفتنة، والاختبار والامتحان؛ قال تعالى: " وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً " [الأنبياء: 35] بالمصائب وبالنعم، بالشدة والرخاء، والصحة والسقم، والغنى والفقر، والحلال والحرام، والطاعة والمعصية، والهدى والضلال.
فليس من السهل الحصول على مرتبة الإيمان بكلمةٍ تقال باللسان؛ بل لا بد من امتحان من يدعي الإيمان، ومصداق ذلك قوله تعالى: " أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ " [العنكبوت: 3] وقوله تعالى: " وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ " [محمد: 31].
وسبب الابتلاء – أيضًا – كما قال تعالى: " الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا " [الملك: 2]؛ فالابتلاء امتحان للعبد أيرضى أم يسخط؟ أيصبر أم يجزع؟ أيشكر أم يكفر؟
وقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ندعو الله تعالى ونسأله الأجر والثواب والتعويض بخير عن المصيبة التي وقعت؛ فقال – عليه الصلاة والسلام -: «ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: " إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيرًا منها، إلا أخلف الله له خيرًا منها ".
كما علمنا إذا رأينا مبتلى أن نحمد الله على المعافاة؛ فقال صلى الله عليه وسلم: «من رأى مبتلى فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً، لم يصبه ذلك البلاء» [أخرجه الترمذي].
مختارات
-
اسم الله الخالق 1
-
محطات بين الشبهة والشهوة (3)
-
تابع " مظاهر اتباع الهوى "
-
فضل العربية.. وضرورة تعلمها
-
شرح دعاء "اللهم إني أعوذ بك من جار السوء في دار المقامة؛ فإن جار البادية يتحول"
-
غَزوةُ يَهودِ بني قُرَيْظَةَ .
-
بعض الأحكام المتعلقة بالمرأة المريضة
-
اقطعه.. قبل أن يقطعك
-
الفتاة المراهقة.. ودور ضروري للأسرة
-
" اكتسب موهبة النسيان "