باب الاقتصاد في الطاعة
باب الاقتصاد في الطاعة
تطريز رياض الصالحين
عن أبي ربعي حنظلة بن الربيع الأسيدي الكاتب أحد كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: لقيني أبو بكر - رضي الله عنه - فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قلت: نافق حنظلة! قال: سبحان الله ما تقول؟! قلت: نكون عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكرنا بالجنة والنار كأنا رأي عين فإذا خرجنا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا، قال أبو بكر - رضي الله عنه -: فوالله إنا لنلقى مثل هذا، فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقلت: نافق حنظلة يا رسول الله! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وما ذاك؟» قلت: يا رسول الله، نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة كأنا رأي العين فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والذي نفسي بيده، لو تدومون على ما تكونون عندي، وفي الذكر، لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة» ثلاث مرات. رواه مسلم.
----------------
قوله: «ربعي» بكسر الراء. و «الأسيدي» بضم الهمزة وفتح السين وبعدها ياء مكسورة مشددة. وقوله: «عافسنا» هو بالعين والسين المهملتين أي: عالجنا ولاعبنا. و «الضيعات»: المعايش. قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ساعة وساعة»، أي: ساعة لأداء العبودية، وساعة للقيام بما يحتاجه الإنسان. قال بعض العارفين: الحال التي يجدونها عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي الذكر... مواجيد، والمواجيد تجيء وتذهب، وأما المعرفة، فهي ثابتة لا تزول. وفي حديث أبي ذر المشهور: «وعلى العاقل أن يكون له ساعات، ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يفكر فيها في سمع الله إليه، وساعة يخلو فيها لحاجته من مطعم ومشرب»