فوائد من تفسير الشيخ صالح المغامسى
فوائد من تفسير الشيخ صالح المغامسى
الفرق بين الرأفة والرحمة قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الحشر:9) يوجد رأفة ويوجد رحمة: الرحمة قد يؤتاها الإنسان مع بلاء فهي ليست خيراً من كل وجه إنما هي خير بعاقبتها، أما الرأفة فهي أشد الرحمة وهي خير من كل وجه؛ الرأفة خير من كل وجه عندما يؤتى للقاضي بزانٍ غير محصن أو زانية غير محصنة يحكم عليهم بالجلد فنذهب نشهد هذا الحكم، فإقامتنا للجلد على الزاني أو الزانية رحمة بهم لأن فيها تطهير لهما ولا يبقى عليهما يوم القيامة شيء لأنهم عوقبوا وأقيم عليهم الحد، فالحد - وإن آذاهم الجلد - إلا أنه رحمة بهم باعتبار المآل ولهذا قال الله: {وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} ولما يقل: رحمة لأننا لو رأفنا بهم لما جلدناهم لأن الرأفة خير من كل وجه ولهذا قال الله: {وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} ولم يقل: ولا تأخذكم بهما رحمة في دين الله لأن جلدنا إياهما رحمة لهما، فالرأفة أشد الرحمة..... والله جل وعلا من أسمائه الحسنى أنه رؤوف وهو يقول جل وعلا: {إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ} الآن يخبر الله عن هؤلاء لأن الله تبارك وتعالى يشتري منهم النفس والمال، والثمن - العوض -: الجنة، وأنفسنا وأموالنا في الحقيقة ملك لله والجنة على عين الحقيقة ملك لله، فالله جل وعلا يشتري ملكه بملكه، فأنفسنا وأموالنا التي يشتريها هو مالكها أصلا وخالقها من قبل والجنة التي يعطينا إياها ثمنا هي ملكه جل شأنه، وهذا من دلائل رأفة الله جل وعلا بعباده...